الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

التنظير الحداثوي تجاه العقل الفقهي وموقف الإمامية منه


ينصب جل اهتمام الحداثويين المتدينين -الذين لا يزالون يؤمنون بأهمية الدين في حياة الإنسان- في محاولة التقعيد لنظرية (التاريخية) على أمل أن يجدو فيها مخرجًا لشرعنة المشاكل المعاصرة شرعنة دينية. وبعد مسيرة البحث السابقة، تبين أنّ هناك أربعة آراء في القول بتاريخية المعارف الدينية (القرآن والسنّة):
الرأي الأول: إنّ الأصل في المعارف الدينية –عمومًا- هو التاريخية، إلّا ما دلّ الدليل على عكس ذلك، وهو ما يذهب إليه الحداثويون –علمانيون ومتديّنون، مسلمون وغير مسلمين، سنّة وشيعة- ولكن مع الفارق في درجة تطرفهم إلى هذا الرأي، فمنهم مَن يُنكر تمامًا أن تكون المعارف الإسلامية معارف إلهية، ومنهم مَن يؤمن بألوهيتها غير أنها كانت مشرّعة لمرحلة تاريخية معينة، انتهت بانتهاء تلك المرحلة وتُرِك أمرها للعقل البشري، هو الذي يجتهد في ما ينفعه من أحكامها، ومنهم مَن يراها معارف مختلطة -إلهية وبشرية- فيها الذاتي وفيها العرضي، فما كان ذاتيًّا باقيًا وثابتًا بمرور الزمن، وما كان عرضيًّا يتغير بتغير الأحداث التاريخية، ومنهم مَن يراها معارف إلهية على المستوى النظري، لكنّها تصبح معارف بشرية على مستوى التطبيق، تتغير وفق المتغيِّرات التاريخية.
الرأي الثاني: هو معاكس تمامًا للرأي الأول، حيث يرفض التاريخية في المعارف الإسلامية مطلقًا، ويذهب أصحابه –وهم أغلب الفقهاء- إلى أنّ الأصل في الأحكام الشرعية هو الثبات، إلّا ما دلّ الدليل على عكس ذلك.
الرأي الثالث: يذهب إلى أنّ الأصل في الأحكام هو الثبات، وهذا أمرٌ لا نقاش فيه، إلّا أنّ النقاش يكون في الموضوعات، حيث يقع على عاتق الفقيه أولًا تعيين الموضوع في الخارج، ومن ثم اعطاء الحكم له. فما كان موضوعه عباديًّا.. فهو غير خاضع للتاريخية، وما كان موضوعه اجتماعيًّا.. فهو خاضع للتاريخية.
الرأي الرابع: هو التوقّف، فلا الأصل في الأحكام هو التاريخية، ولا الأصل فيها هو اللّاتاريخية، وإنما الباحث والدليل، إما أن ينتهي به إلى إثبات تأثير الظروف التاريخية في موضوع الحكم، وإما أن ينتهي إلى إثبات عدم تأثيره فيه، وإذا لم يكن هناك دليل يثبت هذا أو ذاك، فالأصل لا هذا ولا ذاك.
أمّا أهم النتائج التي خرج بها البحث، فيمكن إجمالها بالآتي:
1-     الفكر الحداثوي ليس بدعًا ولا سابقة في عالم الفكر، بل هو تكرار للفكر الإنساني على مر العصور. وبعض الإشكالات التي تثار فيه اليوم، هي نفسها التي أثيرت في عصر الرسالة على النبيّ محمد (صلّى الله عليهِ وآله)، حين اتهمه كفار قريش بأنه (شاعر)، لما للشاعر من مخيلة فكرية يستطيع بها ابتداع ما هو خارج عن نطاق الآخرين، فقالوا بأنّه افترى القرآن الكريم وسطره من بنات أفكاره ووحي شعوره، )بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ(([1])، )وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ(([2])، فأبطل القرآن أقوالهم بحجته الدامغة) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ(([3])، وتحدّيه الخالد )وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(([4]). وهي نفسها افتراءات السابقين وتنظيراتهم حين وضع بعضهم أحاديث وأوّلها بعضهم الآخر أنّ النبيّ لا يعلم بأمور الدنيا، وأنه يستشير الآخرين، وأنه يستفيد من تجارب غيره.. لستُ بصدد القول: أنّ التاريخ يعيد نفسه، ولكن يمكنني القول: أنّ الفكر الإنساني يعيد نفسه، مع فارقٍ في الألفاظ والأسلوب.
2-     الفكر لا يجابه إلّا بالفكر، ولهذا لا ينبغي التصدي لطروحات الحداثويين بالشجب والإنكار، ورميهم بالكفر والضلال والإضلال، لأنّ عدم مواجهة فكرهم بفكرٍ مقابلٍ له، لا يؤدي إلّا إلى زيادة التطرف إما إلى هذا الطرف أو إلى ذاك، وفي كلا الحالين يُعدُّ خسارة لنشر العلم والدين. فمن الحداثويين مَن هو جاد في طلب الحقيقة، ويريد أن يكون للدين حضورٌ في حياة النّاس، لا أنْ يكون مدفونًا بين طيات الكتب التي لا تلقى اهتمامًا عند أغلب الناس،  والقرآن الكريم، وسيرة المعصوم u، ضربا للناس مثلًا خالدًا في مواجهة الأفكار الغريبة بالحسنى، ولذا فمن كان يدّعي طلب الحقيقة -سواءً من الحداثويين أم من علماء الدين- ينبغي له الاقتداء بسيرة القرآن الكريم والمعصوم ع في الكشف عنها. نعم هناك جمٌ من الحداثويين الذين لا شأنّ لهم بالدِّين وليس لهم غرضٌ في دراسته إلّا لتفريغه من ثوابته وتنفير الناس منه، فهؤلاء لا حديث معهم. 
3-     هناك جنبة بشرية للنبيّ لا يوجب الاعتقاد بها إحداث خلل أو نقص في الاعتقاد بعصمته (صلّى الله عليهِ وآله)، وهذه الجنبة -البشرية- ليس بالضروري أن تكون موضوعًا لأحكام تُبنى عليه -وإنْ كان الفقهاء يُدخِلون هذه الأحكام في باب المستحب والمكروه- من قبيل أنّ النبي (صلّى الله عليهِ وآله) كان يحب أكل طعام معين أو يلبس لباس معين بلون معيّن، أو أنه ينام في وقت كذا، أو يجلس جِلسة كذا، أو أنه كان لا يرغب في كذا...وغيرها مما يميل إليها الطبع البشري أو ينفر عنه، فلذلك يستحب لبقية البشر أكل هذا الطعام أو لبس هذا اللباس بهذا اللون، أو يُكره لهم الرغبة فيما لم يرغب به النبيّ (صلّى الله عليهِ وآله).. نعم، إلّا أن يكون (صلّى الله عليهِ وآله) قد أمر بفعل ما يفعلهُ هو أو نهى عمّا يعافُهُ هو، فحين ذاك -بلا شكٍّ- تُبنى على أفعاله الأحكام، أمّا غير هذا وذاك فمن المستبعد أن تكون سيرته الفعلية الشخصية موضوعاتٍ لأحكامٍ شرعية.
4-     إنّ نظرية (التاريخية) كمفهومٍ ليس بعزيز في تنظيرات الفقهاء، سواء المتقدمين أم المتأخرين منهم، غير انها لم توظّف بوصفها قاعدة ضمن قواعد الاستنباط. وعلى هذا، فلا مانع من النظر في إدخال هذه النظرية في منهج الدراسة الحوزوية، بعد أن يجد الأصوليون حدودًا لها في إطار التشريع الديني، وتُؤصَّل كقاعدة من ضمن قواعد علم الأصول، نعم.. الأمر ليس هيِّنًا وهو بحاجة إلى جرأةِ فقيهٍ كجرأة ابن إدريس عندما ناقش آراء الشيخ الطوسي، وكجرأة السيد الخوئي عندما ناقش آراء الفقهاء في الإجماع والشهرة، وكجرأة السيد الخميني عندما أدخل أثر الزمان والمكان في تغيّر الموضوعات.



لتحميل الكتاب .. اضط هنــــــا


شاهد طريقة ذبح الحيوانات في أمريكا

فيديو يوضّح قساوة التعامل مع الحويانات في طريقة الذبح في بلد يعنى بمنظمات الرفق بالحيوان..!



شاهد تأثير اسم الله على الحيوانات واستسلامها للذبح



فيديويوضح طريقة واجراءات ذبح الأنعام في الإسلام ومدى تأثير اسم الله تعالى عليها عند الذبح بالضبط كما فعل الأنبياء عليهم السلام من آلاف السنين.. حيث انهم جميعهم كانوا يستخدمون الذبح بالطريقة نفسها.. كما أمرهم الله عز وجل  ..

لا إله إلّا الله والله أكبر ولله الحمد..

المتابعون